زبان و ادبیات عربی...

زبان و ادبیات عربی...
هناک دائماً مَن هُو أتعَسُ مِنک، فأبتسم... 
نويسندگان
آخرين مطالب
لینک دوستان

ینظرون إلیها شاعرة للحزن حیث تسیل الدموع من سفوح قوافیها وتتتابع الآهات بتتابع المفردات على مدى الشعر .
لكننی أراها المرأة الحرة التی حاولت أن تبتكر طریقتها الخاصة فی البكاء شعرا ، لا لتبكی وحسب ، بل لتؤكد حریتها وفردیتها ، وتكرس موهبة كبیرة فی فن العربیة الأول فی ذلك الزمن القدیم . فلیس أسهل من أن تبكی امرأة فقدت معظم المقربین إلیها ، وعاصرت أرواحهم وهی تتقطر من بین یدیها ذهابا أبدیا ، لكن لیس من السهل أن تفطن تلك المرأة لما تملك من قوة مختبئة بین القوافی فتفجرها رثاء خالدا لیس لموضوعه الباكی المتكئ على تصاریف الزمن وحسب بل لسحر الشعر فیه أیضا .
إنها تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشرید السلمیة ، المعروفة باسم الخنساء بنت عمرو أشهر شاعرات العرب على الإطلاق ، وأكثرهن تأثیرا فی الذاكرة الجمعیة لهم . عاشت أكثر عمرها ، الذی بدأ - كما تقول معظم الراویات - بما یقرب من 47 سنة قبل الهجرة 575 م ، فی عصرها ما قبل الإسلام لكنها أدركت الإسلام فأسلمت . وكان النبی محمد - صلى الله علیه وسلم - یستنشدها ویعجبه شعرها ، بل رآها - فی بعض الروایات - أشعر الناس .ظهرت موهبة الخنساء وهي صبية صغيرة تنشد قصائد قصيرة ، لكن تلك الموهبة تفجرت ينبوعا من الشعر الغاضب الحزين بعد مقتل شقيقيها واحد تلو الآخر . فقد مات أخوها الأكبر معاوية قتلا على الثأر شعرا ، حيث لم يجد شقيقها الآخر صخر بدا إلا الاستجابة لقوانين القبيلة وتفجع الشقيقة وبكائها الشاعري المر ، فأخذ بثأر أخيه من قتلته وعاد إلى شقيقته الشاعرة بفخر الأخذ بالثأر ، بالإضافة إلى جرح ظل ينزف عاما كاملا حتى قضى على صاحبه وضاعف من أحزان الخنساء على شقيقها الأحب والأقرب إلى نفسها . لكنها وكما فعلت في المرة السابقة لم تستسلم للبكاء وحده ، ولم تقبع في خباء الحداد أو تختف ، تحت ركام الأحزان ، أو تحترق بنيران الثأر المفقود ، بل دفعت الحزن بالقافية وجعلت من ذلك الفقد الكبير مادتها الشعرية الأثيرة ، فقاومت الموت بالكثير من الحياة ، واسترجعت ما فقدت بمحض الشعر ، وكان لها ما أرادت ، حيث أصبحت في كثير من روايات العرب التحكيمية على صعيد الشعر هي الشاعرة العربية الأكثر شهرة في زمن الشعر العربي كله ، حيث أشار إليها زملاؤها من الشعراء المعاصرين لتجربتها ، وممن لحقهم ، بكثير من الإعجاب الممزوج بالتعجب المستمد من نظرة عربية ذكورية خالصة لتجربة المرأة الشاعرة .
فيقول بشار بن برد " لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف ، فقيل له : وهل الخنساء كذلك ؟ فقال تلك التي غلبت الرجال " .
ويقول لها النابغة الذبياني: " لولا أن الأعشى أنشدني قبلك لقلت إنك أشعر من بالسوق . وسئل جرير عن أشعر الناس فأجابهم : أنا ، لولا الخنساء . ويرى أبو تمام أن الخنساء " هي المقدمة من النساء في الشعر " .
وعلى الرغم من تلك الشهرة المدوية التي اكتسبتها الخنساء من بكائها الشعري لأخويها ورثائها لهما غير مسبوق في غزارته وقوته وشعريته المتدفقه وحرارته التي صارت النموزج الأول للرثاء في سمته الأنثوية ، إلا أن المتابع لمسيرتها الشعرية سيصاب بالحيرة عندما يكتشف أن الخنساء لم ترث أربعة ابناء لها غيبهم الموت استشهادا في يوم واحد !
فتقول الروايات ، التي شكك بها البعض ، إنها خرجت في معركة القادسية مع المسلمين في عهد عمر ومعها أبناؤها الأربعة . وقبل بدء القتال أوصتهم وصيتها الشهيرة والتي ختمتها بالقول " تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة" . وعندما دارت المعركة استشهد أولادها واحدا بعد واحد ، وحينما بلغها خبر مقتلهم لم تزد على القول : " الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته " .
فهل امتنعت الخنساء رثاء أولادها وهم ، وفقا للفطرة البشرية ، أقرب لها من أخويها ، لأنهم استشهدوا تحت راية الإسلام ، مع أن الإسلام لم يحرم الشعر ولا رثاء الشهداء؟ أم أنها لم ترثهم لأنهم غير موجودين أصلا ؟ وأن الرواية برمتها مختلقة ، كما يذهب بعض المؤرخين ، وأحد دلائلهم على ما يذهبون إليه عدم وجود رثاء غير تلك الخطبة العصماء الفورية التي يفترض أنها صدحت بها فور سماعها لخبرهم القاتل ؟! وبما لا يتوافق والموقف الصعب الذي وجدت نفسها في خضمه القاسي فجأة ، لعلها لم ترثهم لأنها كانت حزين جدا ومكتفية بما حققته في تضاعيف زمنها الماضي فلم تكن بحاجة لإثبات شعرية أو إشهار موهبة أو توكيد مكانه !
المهم أنها رحلت عن عالم الأحياء العام 24 لهجرة 646 م ، وبقي لنا منها ذلك النغم الشعري المحتفي بالحزن والمسور بطوفان الدموع في ديوان كبير احتفى بها النقاد القدامى والمحدثون ، وترجم إلى أكثر من لغة ، ونظر إليه باعتبار وثيقة شعرية ونفسية على زمن امرأة تفردت في ذلك الزمن عبر القصيدة وما وراؤها .



نظرات شما عزیزان:

z.gh
ساعت8:37---8 اسفند 1391
باعرض سلام
اینجا نوشته 35 نظر اما من هیچ کامنتی نمیبینم !
آیا من چشم بصیرت ندارم یا کامنتها مخفی هستند یا مرورگر سیستم اشکال داره یا چی ؟


نام :
آدرس ایمیل:
وب سایت/بلاگ :
متن پیام:
:) :( ;) :D
;)) :X :? :P
:* =(( :O };-
:B /:) =DD :S
-) :-(( :-| :-))
نظر خصوصی

 کد را وارد نمایید:

 

 

 

عکس شما

آپلود عکس دلخواه:

[ شنبه 28 بهمن 1391برچسب:, ] [ 22:39 ] [ علي افضلي ]

.: Weblog Themes By MihanSkin :.

درباره وبلاگ

من علي افضلي هستم.دوست داشتم فضايي براي ارتباط با استادان اهل نظر و دانشجويانم داشته باشم.اين وبلاگ،به نوعي صفحه شخصي من است بنابراين طبيعي است كه فضاي آن با كلاس درس متفاوت خواهد بود و اساسا تلاشي در جهت اينكه اين وبلاگ موضوعات علمي محض را پوشش دهد،بعمل نخواهد آمد هرچند از طرح مسائل و مطالب علمي به شدت استقبال خواهم نمود.شما نيز هر آنچه مي پسنديد ميتوانيد ارسال داريد..سپاسگزارم
امکانات وب